تعلم اللغات يعد منفذًا للاطلاع على العالم، و مؤخرًا زاد المقبلون على هذا المجال، متزامنًا مع انفتاح العالم على بعضه البعض، فتعلم اللغات هي الخطوة الأولى لفهم ثقافة أي شعب، فاللغة مرآة المجتمع. كما عرفها ابن جني لها "أنها أصوات يعبر بها كل قومٍ عن أغراضهم". يبدأ الآباء والأمهات في البحث عن أسهل الطرائق لتعليم اللغات لأطفالهم، تُرى هل تساعد القصص في تعلم اللغات؟ وما هي فوائد تعليم اللغات من خلال القصص؟ لنتعرف عليها من خلال هذا المقال.
تعلم اللغات (التعليم متعدد اللغات)
نظرًا لتفهم الدول الأهمية العظمى لمنح الأبناء الاستفادة القصوى من مستوى التعليم، و إتاحة الفرص الممكنة لهم سواء كانت مهنية أو حياتية؛ بهدف إخراج جيل لديه وعي لتقبل الآخر ومطلع على ثقافات الغير والعوالم الأخرى المختلفة حولنا، رسخ مبدأ تعليم متعدد اللغات في أغلب الدول، منها : المملكة العربية السعودية ومصر، مع الحفاظ على هويتنا الأصيلة ومواكبة الألفية الجديدة.
مراحل تعليم متعدد اللغات
يشير الفهم الواسع النطاق لبرامج التعليم المتعدد اللغات (اليونسكو 2005 - 2003) إلى أن التعليم يجري في المراحل التالية:
- المرحلة الأولى: يجري التعلم بالكامل بلغة الطفل المنزلية.
- المرحلة الثانية: إجادة البناء في اللغة الأم وإدخال تقنية (اللغة الثانية) شفهيًا.
- المرحلة الثالثة: إتقان شفهي للغة الثانية وإدخال تعلمها تحريرًا.
- المرحلة الرابعة: استخدام تقنية (اللغة الأم) واللغة الثانية كلتاهما للتعلم مدى الحياة.
القصص وتعليم اللغات
الاعتماد على الطرائق القديمة التقليدية من الأسباب الرئيسة في فشل الأبناء أو الطلاب في تعلم أي لغة؛ ولهذا نجدهم غير قادرين على إجراء محادثة أو التحدث بطلاقة على الرغم من استغراقهم أعوامًا لتعلم لغة ما! ومن الأساليب المتبعة الآن، هي خلط اللغة بالواقع و استخدام النشاطات المُمتعة التي تجبر المتعلم على الانغماس في اللغة دون مجهود، فتساهم في توفير الوقت وتسرع من عملية التعلم ومن ضمن هذه الطرق الفعالة: (القصص) من حيث تباينها بين القصيرة و الطويلة أو بما يعرف بالرواية وعلى اختلافها في طريقة العرض والشكل والأسلوب بما يناسب كل فئة من القراء أو الفئة العمرية، فتُمكنه من تعلم مهارات القراءة أن استمراره في قراءة القصص يزيد من حصيلته اللغوية، بجانب رؤيته لتراكيب اللغة وبناء الجمل فيكون بمثابة تطبيق له على ما تم دراسته. بالإضافة إلى عروجه على أساليب مختلفة للسرد، فينتقي كل أسلوب ويختار ما يناسبه في الكلام ووصفه، وبالتالي ينعكس على أسلوبه في الإلقاء و التحدث مثل الناطقين باللغة، والمغزى الأسمى من هذا هو جعله يفكر بهذه اللغة عند التعبير عما يريده لا بلغته الأم.
هل جميع القصص مناسبة لتعلم اللغات؟
يخال البعض أن بعد سماع كلمة القصص، بأن مشكلة تعليم اللغات من خلال القصص قد حُلت، وهذا الأمر غير صحيح البتة، وتبعًا لأي طريقة مستخدمة فحتمًا هناك أصول وشروط وأهداف تضع هذه الوسيلة على أرض صلبة، تجعل من يستخدمها يحقق الثمار الذي يرجوه منها.
معايير القصص في تعليم اللغات
- سلامة اللغة وصحتها.
- مراعاة غرض كل متعلم من اللغة بما يتوافق مع القصص المقدمة له، على سبيل المثال فلا يكون متعلم لغرض التواصل والتحدث وأقدم له قصة فحواها وألفاظها من التراث والعكس صحيح؛ وعلى هذا ستنقلب النعمة نقمة، بدلًا من أنها وسيلة ستصبح سلاحًا لرفض هذه اللغة.
- التدرج في عرض المحتوى على حسب كل مستوى، لكل مستوى له محتواه بما يتوافق مع ألفاظه وطريقة عرضه.
- البعد عن القصص ذات السرد المفرط والكلمات المعقدة البعيدة الغريبة عن اللغة؛ فهي كنهر بلا ماء لا جدوى منه.
- لكل فئة عمرية متطلبات في شكل ومحتوى القصة، فمثلًا الأطفال يحبون الألوان والمحتوى الجذاب المثير والصور المتألقة بجودة عالية في الرسم حتى تخطف أبصارهم؛ فلا يكلون ولا يملون.
- ليس لأنها قصة فأركز على مهارة القراءة فقط! هذا سيكون عيب قاتل للغة و إبداعها، بل ينبغي استخدام كل مهارات اللغة من استماع وقراءة وتحدث وكتابة في القصة وتوظيفها بطريقة بسيطة عليك وعلى المتعلم.
- إرفاق الصور والمقاطع لبيان المعاني والألفاظ غير المألوفة والمجهولة لتيسير رحلة تعلم اللغة.
- تتطلب صبرًا من المتعلم للغة؛ لذا ليس عليه أن يفهم ويعرف كل شيء في القصة، الأهم أن محتواها العام يفهمه وتعلم منها بعضًا من العبارات والكلمات التي يمكن أن يعبر بها عن هذه القصة.
- استخلاص الأهداف المرجوة التي سيكتسبها المتعلم من هذه القصة؛ لا نترك الأمر للعشوائية. يجب تحديد أهداف من كل قصة.
- بل يجب تحديد النقاط التي سيخرج بها في نهاية هذه الصفحة من القصة، أو ٣ صفحات من القصة، أو الجزء المقرر في الحصة اليوم.
- الفائدة تعم عندما تكون شاملة، يمكن تكوين شبكة مفردات وجمع الموضوعات المتعلقة ببعضها ومقارنتها بنظائرها عند القراءة فلا تكون مجرد سرد، بل تحليل المحتوى أثمن من القراءة نفسها لأنه يقودنا إلى ما يسمى بـ (الفهم القرائي) وهو الذي يبين لنا مستوى فهم المتعلم للغة واستجابته لها.
- ربط القصص بالوصف والحكي فتساهم في دعم مهارة التحدث والتعبير.
- استخدام مؤقت لقياس سرعة القارئ؛ لتدريب المستويات المبتدئة على القراءة دون تهجي ويعزز ثقته بنفسه عند القراءة.
- ليس لأن القصص وسيلة لتعليم اللغات فهذا يعني أنها تستخدم في الفصل أو في الحصة فقط! بل يمكن إعطائها للطلاب كواجب منزلي لهم يستخرجون منه ما فهم والتراكيب والأضداد والظواهر البلاغية من تعبير مجازي وتعبير حقيقي والكثير ويتم مناقشته في الحصة التالية.
تعليم اللغات ومهارة القراءة
القصص تعتمد في الأساس على مهارة من مهارات اللغة وهي القراءة والقراءة لها أنواع و أشكال مختلفة:
- القراءة الجهرية: التي تعزز الثقة بالنفس وتصحيح النطق و معرفة مخارج الحروف.
- القراءة الصامتة: لفهم النص المقروء وإعادة وصفه وسرده للشخص المستمع فيعزز من مهارة القراءة و التحدث في آن واحد.
- القراءة الباحثة: فتمرنه على القراءة السريعة وانتقاء الأهم من بين اختيارات كثيرة، فيدفعه للتفكير باللغة الثانية عوضًا عن اللغة الأم.
- الجدير بالذكر أن لكل منا وسيلة في تعلم و استيعاب اللغة لكن تظل الوسائل الفعالة التي تجعلك شغوفًا بالذي تتعلمه وتحصد استفادتك القصوى.
فوائد تعليم اللغات من خلال القصص
- تنظيم الوقت وتحفيز الانتظام في القراءة.
- التخلص من الضغط النفسي في كيفية اختيار مراجع تعلم اللغة المستهدفة.
- تعزيز الكفاءة اللغوية العامة.
- تعلم قواعد اللغة المستهدفة والتراكيب بشكل طبيعي من سياق الجمل.
- تطوير معرفة المفردات بوتيرة أسرع وزيادة الحصيلة اللغة من مفردات وكلمات اللغة المستهدفة.
- خلق وزيادة الدافع لتعلم اللغة وقراءة المزيد حيثُ إنها طريقة سلسة ومريحة في تعلم اللغة ومناسبة لعقليتك واهتماماتك.
- فتح آفاق جديدة للتعلم بالإضافة إلى تجارب ووجهات نظر وتحسين مهارات الفهم القرائي وزيادة معدلات القراءة.
- تساعد على تحسين مهارات الكتابة بالإضافة إلى مهارات النطق والتعرف على أساليب جديدة للاستماع.