قبل التعرف على أهمية القصة في تعليم اللغة العربية للأطفال، لا بد من الإشارة إلى ضرورة توظيف العالم الرقمي وتقنياته المتقدمة في التعليم واكتساب المعرفة والمهارات. إذ يمكن للأم المغتربة تعليم أطفالها اللغة العربية أونلاين دون عوائق أو مشاكل تُذكر
بالإضافة إلى ذلك، تستطيع الأم تعزيز عملية تعليم اللغة العربية للأطفال من خلال بعض الطرق السهلة والممتعة في الوقت ذاته، كشراء كتب قصص الأطفال ورقيًا أو إلكترونيًا، لماذا؟ لأننا جميعنا نحب القصص، إنها خبيئة في دواخلنا منذ أن سمعنا أولى الحكايات من الجد أو الجدة، تبعث فينا الاسترخاء والطمأنينة وتثير فينا سمو الخيال. عالم القصص هو عالمٌ ينضحُ بالسحر والدهشة والعلاقات الممكنة وغير الممكنة بين العناصر والأشياء. إنه فضاءٌ مثير وعجيب يعزز في الطفل المواقف الإيجابية تجاه العالم. والأهم أن القصة لا تزال من أفضل الأساليب التربوية في تعليم الأطفال لغتهم الأم.
لا تنحصر أهمية القصة في تعليم اللغة العربية فقط، وإنما
تتعدى ذلك إلى جوانب عديدة أخرى. فالقصة القصيرة تسرد تجربة إنسانية أو واقعة
حيوية مستمدة إما من الواقع أو الخيال أو كليهما. كما تتميز بقوة وتكثيف الإيحاء،
والتلخيص والاقتضاب، لتصوير حكاية أو حادثة على نحو مؤثر وبليغ. وتبعًا لأهمية
القصة في بناء وتكوين شخصية الطفل، عكفت المجتمعات على تطوير هذا النوع الأدبي من
أدب الأطفال، وإنتاجه وتوفيره إما كتبًا ورقية أو ملفات إلكترونية يسهل الوصول
إليها وشراؤها.
تقدم كتب قصص الأطفال الخبرات التعليمية أو الواقعية أو
الخيالية. وتحمل شخصياتها صفات مميزة يمكن تعلمها وتقليدها من قبل الأطفال،
كالشجاعة، والصدق، والاجتهاد، والمحبة، والتعاطف مع الآخرين ومساعدتهم. كذلك تنبع
أهمية القصة القصيرة للأطفال في قدرتها على التأثير في الأطفال وتحفيزهم من خلال ربط
القصص بما يختبرونه في حياتهم الواقعية، مما يدفعهم لتطوير مهاراتهم.
من مزايا كتب قصص الأطفال أيضًا:
·
تثير القصة مشاعر عديدة عند الأطفال كالضحك والحزن
والإثارة وترقب الأحداث.
·
التماهي مع الشخصيات وتفسير فحوى القصة والرسوم
التوضيحية، مما يطوّر خيال الطفل.
·
ربط الخيال بالعالم الحقيقي للطفل، ومساعدته في فهم
الحياة اليومية العادية.
·
تسمح للطفل باستكشاف جذوره الثقافية وتجربة الثقافات
الأخرى.
·
تنطوي القصص على حقائق عالمية، ونداءات أخلاقية من جيل
إلى آخر.
·
تُنمّي في الطفل القدرة على التفكير في أفكار جديدة،
وتساعده في التعبير عن مشاعره وأفكاره.
·
يستشف الطفل من خلال القصص تقاليد وقيم العالم المختلفة
وتجاربهم المتنوعة.
· تَنشُطُ أجزاءٌ من الدماغ عند قراءة قصة أو الاستماع إليها.
تُعد القصة القصيرة من الأساليب
التربوية القديمة والحديثة معًا في عملية التعليم. فالقصص مصدر ثري بالمفردات
والعبارات، لذلك تعمل على تعزيز المهارات اللغوية للطفل. خاصةً، عندما ترتبط ذاكرة
الطفل بشخصيات القصة والمواقف التي يقابلها في الحياة. كما تنطوي أهمية القصة في تعليم
اللغة العربية للطفل على أسباب عديدة، منها:
·
تتيح قراءة القصة للطفل إقامة
روابط بين اللغة المنطوقة واللغة المطبوعة. لذلك، في أثناء القراءة بصوت عالٍ اُطلب
من الطفل الإشارة إلى الكلمة أو السطر بإصبعه.
·
تُسهم القصة في دمج المعلومات
التي تعلمها الطفل، والتحدث على نحو أفضل وبالتالي اكتساب ثقة أكبر.
·
تُساعد القصة في زيادة طلاقة
اللغة العربية والكفاءة اللفظية عند الطفل، ومعرفة أكثر بالمحتوى.
·
تعلم مفردات وتراكيب جديدة
وتعابير لغوية في سياقها الطبيعي.
·
تسهيل عملية حفظ المفردات من
خلال التكرار الدائم لبعض المفردات الأساسية.
·
وجود المفردات في سياقها ضمن
القصة يُسهم في حفظها أسرع.
·
ولأن القصص ممتعة ومشوقة، يرغب
الطفل في مواصلة التعليم.
·
تعزيز عملية تعليم القواعد
النحوية من خلال الكشف عنها في النص.
·
تعلم المهارات واكتساب معارف
جديدة.
· تعزيز التعلم الذاتي وتنمية مهارات التفكير الإبداعي والنقدي.
يساعد
التعرّف إلى مفهوم القصة وعناصرها الأساسية في فهم النص والأحداث والشخصيات
والخلاصة فهمًا صحيحًا. وبالتالي يمكن طرح بعض الأسئلة على الطفل لمساعدته في استيعاب
القصة كفن أدبي. بينما تتأتى أهمية القصة في تعليم اللغة العربية للطفل عند الشروع
في الحوار، والحديث عن القصة، بهدف تعزيز المفردات والتعابير والألفاظ القديمة
والجديدة، وتنمية المهارة اللغوية والتعبير عند الطفل.
سرد نثري مختصر وقصير في حجمه. تركز القصة القصيرة على
واقعة واحدة، وشخصية أساسية واحدة مع عدد قليل من الشخصيات الثانوية الإضافية،
وموضوع مركزي واحد، خلافًا للرواية.
المكان: وهو الموقع أو المكان الذي تدور فيه أحداث
القصة، فمثلاً يمكن أن تكون في غابة، أو قرية، أو مدينة، أو قصر، أو سفينة
فضائية، أو في عالم البحار.
الزمان: الوقت الذي تجري فيه أحداث القصة، فقد تكون
القصة تجري في زمن قديم جدًا، أو في زمنٍ معاصر. وربما في أحد فصول السنة؛ الربيع،
الصيف، الخريف، الشتاء. أو في عام محدد مثلاً 2020.
الشخصيات: هي العناصر الرئيسية للقصة، وتضم
الشخصية الأساسية وهو بطل القصة، وشخصيات أخرى ثانوية. قد تكون الشخصيات بشرًا، أو
حيوانات، أو عناصر أخرى.
الحبكة: وهي نقطة ذروة الواقعة، حين تتأزم الأحداث
وتتصاعد حتى ذروة الهرم، قبل أن تنحدر مرة أخرى لتُوضع الحلول من قبل الشخصية الأساسية
غالبًا.
النهاية: هي نهاية الأحداث بعد تأزمها، وتحلل العقدة
والوصول إلى نهاية القصة.
ولتعزيز المهارات الأدبية واللغوية للطفل، يمكن بعد الانتهاء من قراءة
القصة أن يقوم الطفل بـ:
-
تحديد زمان ومكان القصة.
-
تحديد شخصيات القصة.
-
وصف عناصر القصة وأهمها الشخصيات، ورأيه الخاص بها.
-
وصف الأحداث باختصار.
-
رأيه في نهاية القصة، وأي نهاية يمكن أن يضعها هو؟
- هل أعجبته القصة، أم لا؟ ولمَ؟
ليس ثمة طريقة واحدة في تعليم
القصة القصيرة للأطفال. إحدى الطرق التي يعرفها معظمنا هي القراءة والكتابة
والتلخيص أو إعادة القص. بالإضافة إلى كتابة المفردات الجديدة على مذكرة صغيرة
وحفظ هذه الكلمات وإتقانها.
في عملية تلقين أو تعليم القصة
للأطفال ينقسم المتعلمون إلى ثلاثة أنماط: البصري، والسمعي والحركي. فالأطفال ذوو
النمط البصري يتفاعلون مع الصور المرئية ويقومون بمعالجة المعلومات التي يرونها
على نحو أفضل. أما النمط السمعي فإنهم يتفاعلون أكثر مع الأصوات، وفي هذه الحالة
يمكن للمعلم أو أحد الوالدين تقليد أصوات الأشياء وإحياء شخصيات القصة. في حين أن أصحاب
النمط الثالث من الأطفال وهو الحركي يتعلمون من خلال أجسادهم وحاسة اللمس لديهم.
فهم بحاجة إلى توظيف أجسادهم وتحريكها، ذلك أنهم يتسمون بالذاكرة الجسدية، مثال
على ذلك: في أثناء قراءة القصة، يمكن تقليد حركة هطول المطر، أو حركة الريح، أو
حركة النهر، أو كيف تقف الشجرة.
تنبع أهمية القصة في تعليم
اللغة العربية عن غيرها من الفنون الأخرى في أنها مكتوبة بتنسيق مثالي للدراسة
كمادة لتعليم اللغة. ومما يجعل هذه التجربة مثالية للتعلم استخدام السرد الصوتي
للنص، وتتبع القصة، مما يساعد في تحسين مهارات القراءة والاستماع واللفظ في الوقت
ذاته. يمكن للأستاذ أو الأم أن يجعلوا من قراءة القصة ممتعة ومشوقة للطفل إلى أقصى
الحدود، وذلك من خلال ممارسة بعض مهارات الأداء، مثل:
-
تغيير مستوى الصوت وحدته
ووتيرته تبعًا لشخصيات القصة.
-
استخدام تعابير الوجه والجسم
والإيماءات .
-
جعل الجسد والوجه يقصان الحكاية
ويستجيبان للأحداث.
-
الحفاظ على التواصل البصري مع
الطفل.
-
استخدام أصوات مختلفة ومبالغ
فيها.
-
جعل الجلسة ممتعة وجذابة للغاية
من خلال حضور الراوي.
- إضافة بعض التأثيرات الدراماتيكية كالصمت، أو الإعلان عن قرب حدوث مشكلة أو حل.
والآن أصبحتِ تدركين أهمية القصة
في تعليم اللغة العربية، حان وقت التسوق وانتقاء أفضل كتب قصص الأطفال. مع سحر
الإنترنت أصبح حالك كحال السكان المحليين يمكنك الوصول وشراء الكتب أونلاين. تعج
المكتبات والمواقع الإلكترونية بالقصص المتنوعة والملونة ذات المواضيع المختلفة،
منها ما هو نتاجٌ عربي ومنها ما هو مترجم من لغات عالمية أخرى.
تشمل قصص الأطفال أنواعًا عديدة،
منها: قصص الخيال، قصص الحيوانات، قصص الأساطير والخرافات، القصص الشعبية، قصص
المغامرات، القصص العلمية، القصص الواقعية، القصص الفكاهية، والقصص الدينية.
لكن، كيف نختار القصة بحق؟
وما المعايير أو المقاييس التي لا بد أن نأخذها في الحسبان قبل شراء قصص الأطفال:
1- المقياس الفني: أن تتسم
القصة بالإبداع وروعة الخيال. وأن تكون الرسومات التوضيحية على قدر عالٍ من
الجمالية والجاذبية والإمتاع. وبما أن الخيارات اليوم كثيرة، فلم لا نختار الأفضل
للطفل؟
2- المقياس اللغوي: يجب أن يكون
المستوى اللغوي للقصة مناسبًا لعمر الطفل، وألا يكون أعلى من مستواه العمري، كما
ينبغي أن تتضمن الجوانب اللغوية والفكرية والثقافية والقيم الإنسانية التي نسعى أن
يكتسبها الطفل.
3- المقياس الكمي: أن تتناسب
حجم القصة من سطور مكتوبة وصفحات طردًا مع مستوى الطفل وأدائه في اللغة العربية.
4- المقياس الفكري: أي أن تتناسب القصة مع المستوى الفكري للطفل، إذ لا تتساوى القدرات الفكرية لجميع الأطفال. ومن الأفضل اختيار القصص التي يستطيع الطفل فهمها واستيعابها.
للقصة دور كبير وبالغ الأهمية في تعليم اللغة العربية للأطفال، بل إنه اللون الأدبي والوسيلة المثالية لتعلم اللغة العربية ومساعدة الطفل في تحقيق أقصى الاستفادة من وقته. فضلًا عن دورها في تطوير شخصيته وتنميتها فكريًا وثقافيًا. علّمي طفلك احتضان كتب القصص والانكباب عليها، وراقبي كيف تتفتح بتلاته لاحتضان الضوء!